Wednesday, 23 july 2014
العربية
مع أقل من أربعة أشهر من موعد ٩ نوفمبر، الموعد المقرر لاجراء استفتاء على الاستقلال في كاتالونيا، فإن هؤلاء الذين يدافعون عن حل تفاوضي ـ ما يسمى ب "الطريق الثالث" ـ يبدو أنهم خسروا المعركة.
في محاولة لتأمين التسوية التي يمكن أن تبقي الدولة ملتحمه، فإن ممثلوا بعض الجماعات ذوات النفوذ في كاتالونيا، الكثير منهم تربطهم علاقات اقتصادية مع القطاع العام الإسباني، قد توسلوا القوى السياسيه في مدريد لتقديم عرض لترتيب مالي وزيادة الحكم الذاتي لكاتالونيا. كذلك حثت أصوات دولية محترمه على تغيير في الموقف من قبل اسبانيا على غرار السياسه التي تتبعها الحكومة البريطانية فيما يتعلق باسكتلندا ـ السماح بإجراء استفتاء في كاتالونيا ثم حملته الانتخابية بقوة للتصويت"لا"٠
وتظاهر الرئيس الأسباني راخوي على الاستماع إلى تلك الأصوات عندما وافق أخيرا على لقاء مع الرئيس الكاتالوني "ماس". حتى الآن كان تحليل المسألة على أنها لعبة لمعرفة من يومض أولا، مع أنه كان متأكدا أن نظيره الكاتالوني شأنه أن يستسلم ويعلن الغاء الاستفتاء. ولكنها ليست مسألة قادة أو شخصيات. فسوف يأتي السيد ماس إلى مدريد ممثلا ليس فقط حزبه أو حكومته، ولكن أيضا أغلبية برلمانية واسعة، ومئات من منظمات المجتمع المدني وأكثر من ثلاثة أرباع السكان الكاتالونيين، وجميعهم يدعمون فكرة الاستفتاء ـ بما في ذلك البعض الذين قد يصوتون "لا". صفقته مع الشعب الكاتالوني تشمل استفتاء لأي اتفاق قد يتم التوصل إليه مع الحكومة الاسبانية. لديه، اذاً، مأموريه واضحة للتعبير رسميا للسيد راخوي عما يعرفه الجميع بالفعل: أن أغلبية كبيرة من الشعب الكاتالوني يطلب فرصة لممارسة ما يعتبره حقاً غير قابل للتفاوض الا وهو التصويت لتقرير مستقبلهم الجماعي.
بالنسبه للقوى السياسية الإسبانية الحاكمه ـ وعلى هذه النقطة يجب ان نأخذ بعين الإعتبار الدعم الذي يحظى به الحزب الحاكم من قبل معظم جماعات المعارضة ـ هذا هو اتفاق الكسارة، ويهرع السيد راخوي منذ مده لتهدئة توقعات الجميع.احتياطياً، فإن مجموعتين من ذوات الرأي خطوا على الفور إلى الأمام: من الناحية اليسرى لاكرار اقتراحا غامضا لإصلاح دستوري يمكنه شمل بعض المطالب الكاتالونية؛ وعلى الجهة اليمنى فإن المتشددين للقومية الإسبانية حذروا السيد راخوي بشدة ضد أي مبادرة يمكن أن تفسر على أنها استعداد لبدء حوار مع كاتالونيا.
على الأقل واحدة من هذه الجماعات تقترح الكلام، في حين أن الأخره لا تكلف نفسها العناء حتى بالتلميح لمخرجا. ولكن، بقدر ما تختلف أساليب كل منهما، وهما التيارات التي تمثل رأي الأغلبية في المجتمع الإسباني ، تتفق على نقطة أساسية: الأمر متروك لهم لتعيين حدود ما يمكن أن تتوقع كاتالونيا من اسبانيا. بالتالي، فكلاهما يرفضون إمكانية التصويت. مستقبل كاتالونيا، يقولون، هي شأن لجميع المواطنين الإسبان لاتخاذ قرار. الخداع يبدو صارخا: بما أن الكتالونيين هم أقلية في إسبانيا، فإن هذا يعني الخسارة أمام الأغلبية ميكانيكياً وأبدياً. ليس من المستغرب أن هذا مبدأ لن يقبله الكاتالونيون.
لا توجد دلائل على اي تغيير للمواقف في أي طريقة مجدية في الوقت القصير حتى الوصول الى ٩ نوفمبر. فالكتالونيين متشددون على موقفهم. موقف سلمي وديمقراطي بحت ولذلك من الصعب مواجهته ولا يمكن تجاهله. أما القياده الإسبانية فهي تصر على تحويل الحل الواضح ـ مجرد التصويت، واتخاذ مبدأ الديمقراطية ـ إلى مشكلة.
وحتى الآن، متقاربون من اعلان الحكم العرفي وارسال القوات الخاصة ـ مسيره من شأنها أن تدمر إسبانيا بالتأكيد ـ فمؤسسات الدولة لا تملك السلطة لوقف ما أصبح مد لا رجعة فيه لصالح تغيير عميق. حتى إذا كان من الممكن إقناع الرئيس ماس بالتراجع عن تعهده للسماح للشعب الكاتالوني بالتكلم في المسألة، أو ـ ذهاباً إلى الأسوأ ـ اذا أجبر على التنحي عن منصبه، فمدى السخط الشعبي ضد اسبانيا من هذا القبيل سينموا بقوه للتوجه نحو الاستقلال.
***
في مقابلة حديثة مع صحيفة وول ستريت جورنال، رفض وزير المالية الإسباني كريستوبال مونتورو إعطاء أي فرصة لتسوية، قائلا ان اسبانيا ليست مستعده لإعادة اختراع نفسها من أجل تلبية مطالب الفريق الكتالوني. فهو إذاً لا يستوعب أبداً ما الذي يجري. بغض النظر عما يقرر الكاتالونيين في نهاية المطاف، أسبانيا لا تحتاج إلى إعادة اختراع نفسها اذا كانت تريد تجنب الغرق بعمق في عدم الجدوى الاقتصادية والسياسية. القضية الكاتالونية هي واحدة فقط من بين عدة مسائل سوف تضطر إلى مواجهتها عاجلا أو آجلا. للتناقض، قد تكون هذه نقطة انطلاق مثالية على الطريق الذي طال انتظاره للتغيير. عن طريق السماح للشعب الكاتالوني بالتصويت ـ وربما الحكم من تلقاء نفسهم ـ لدى إسبانيا فرصة جيدة لبناء مستقبل سياسي على أسس عقلانية، ليس فقط لصالح كاتالونيا ولكن أيضاً لصالحها.
(Traducció de Tarek Mahfouz a partir de l'original en anglès)